هل تتوقف إدارة بايدن أخيرًا عن دعم نتنياهو في حربه على غزة؟

يوم الاثنين الماضي، وجهت إسرائيل أمرًا بالإخلاء لعشرات الآلاف من الفلسطينيين النازحين شرق مدينة رفح، لتشرع فيما وصفته بـ”العملية المحدودة”. 

وبعد ساعات معدودة من أمر الإخلاء الإسرائيلي، وافقت حماس على اتفاق وقف إطلاق النار، وفق مقترح مصري – قطري، يبدو أنه حاز تزكية الولايات المتحدة، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي ظل متعنتًا وأصر على المضي قدمًا في عملية رفح، المدينة الجنوبية التي نزح إليها 1.4 مليون فلسطيني على مدار أشهر الحرب الدموية، وفق مقال الجارديان البريطانية، اليوم الجمعة 10 مايو 2024. 

الهجوم على رفح

الخطوة الإسرائيلية، التي لم تراع في خطتها الوضع الإنساني المأساوي الذي يعيشه النازحون، دفعت الولايات المتحدة لاتخاذ خطوة هي الأولى من نوعها، حيث قررت أخيرًا تعليق شحنة عسكرية لإسرائيل.

وخالف نتنياهو نصيحة واشنطن، ولم يمض قدمًا للتوقيع على الصفقة، بل أخذ المسار المعاكس وهاجم رفح وسيطرت قواته على الجانب الفلسطيني من معبر رفح، المنفذ الإنساني الوحيد للقطاع.

نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب

وفق مقال الجارديان، يبدو جليًا أن نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب، ويبذل كل ما في وسعه لتقويض مفاوضات وقف إطلاق النار والاتفاق على إطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين تحتجزهم حماس منذ هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

 ويخشى نتنياهو وحلفائه من أقصى اليمين أنه بمجرد أن تضع الحرب أوزارها، سيواجهون انتخابات مبكرة تطيح بهم، وتحقيقات متعددة في الإخفاقات الاستخباراتية التي أدت إلى هجمات حماس.

رغبة في الهروب من المساءلة

من المُرجح أن يخسر نتنياهو وحزبه الليكود أي انتخابات مقبلة، وبمجرد خروجه من السلطة، سيواجه محاكمة فساد بتهم الرشوة والاحتيال وعدم الأمانة، بسبب مخالفات يُزعم أنه ارتكبها خلال فترات سابقة له كرئيس للوزراء. 

وفق المقال، فإن نتنياهو هو أحد السياسيين الذين وضعوا مصالحهم الشخصية فوق كل شيء آخر، وهو رئيس الوزراء الأطول خدمة في تاريخ إسرائيل، حيث خدم لأكثر من 16 عامًا على مدى فترات متعددة منذ عام 1996.

يرى المقال أنه من الواضح لماذا يريد نتنياهو إطالة أمد الحرب القاسية، إذ يرغب بالتشبث بالسلطة وتجنب المساءلة.

دعم بايدن للحرب

لكن من غير الواضح -وفق المقال- سبب مخاطرة جو بايدن بمستقبله السياسي من أجل الدعم غير المشروط لنتنياهو وحكومته المتطرفة، حيث نفر بسبب دعم الحرب قطاعات كبيرة ومؤثرة انتخابيًا، مثل المسلمين وأصحاب الأصول العربية، والسود، والديمقراطيين التقدميين، ناهيك عن الشباب وطلبة الجامعات.

وبعد 7 أكتوبر، أعلن الرئيس الأمريكي دعمه المطلق لإسرائيل، واحتضن نتنياهو خلال زيارة إلى تل أبيب، ومنذ ذلك الحين، دأب رئيس الوزراء على إحراج وانتهاك وعوده لأهم حليف لإسرائيل دون دفع أي ثمن.

ولعدة أشهر، انتقد بايدن وكبار مساعديه العدد المروع من الضحايا الفلسطينيين، لكنهم استمروا في توفير الغطاء الدبلوماسي وتقديم الدعم العسكري اللازم لآلة الحرب الإسرائيلية على غزة.   

وبخوضه مغامرة رفح، يبدو نتنياهو على استعداد لتحدي كل الخطوط الحمراء المفترضة لبايدن، من خلال شن غزو بري كبير على رفح، رغم تحذيرات الولايات المتحدة.

هل يُغير بايدن المسار؟

في الأسبوع الماضي، قام بايدن أخيرًا بتأخير شحنة أسلحة إلى إسرائيل، وحجب عدة آلاف من القنابل التي تخشى الإدارة الأمريكية من احتمال قيام الجيش الإسرائيلي بإسقاطها على رفح خلال غزو واسع النطاق، ويصف مقال الجارديان الخطوة بـ”الصغيرة” نحو كبح جماح نتنياهو، رغم أن الإدارة وافقت مؤخرًا على شحنات أسلحة أخرى إلى إسرائيل بقيمة 827 مليون دولار.

لدى بايدن فرصة لتغيير المسار وإنهاء تواطؤ الولايات المتحدة في الحرب الإسرائيلية، وتتطلب مذكرة الأمن القومي الجديدة التي أصدرها بايدن في فبراير، تحت ضغط من بعض الديمقراطيين في الكونجرس الذين ينتقدون دعمه غير المشروط لإسرائيل، من على الإدارة أن تبرهن للكونجرس أن متلقي الأسلحة الأمريكية يلتزمون بالقانون الدولي ويسمحون بنقل المساعدات الإنسانية خلال الصراعات النشطة. 

ويمكن للإدارة تعليق أو إلغاء شحنات الأسلحة إلى الدول التي لا تُلبي المتطلبات المنصوص عليها في مذكرتها، الكرة إذن في ملعب بايدن، وعليه الاختيار، إما التوقف بشكل تام عن دعم الحرب وإنهاء التورط الأمريكي، أو تجاهل كل شعارات حقوق الإنسان، ومواصلة دعم حرب هي الأسوأ في التاريخ الحديث.